يدعو جناح جمهورية الجبل الأسود الواقع في منطقة الاستدامة بإكسبو 2020 دبي، زواره للتواصل مع روائع الطبيعة التي تتميز بها الدولة، للتعرف والاطلاع عن كثب على تجارب فريدة تحتضنها هذه الدولة الغنية بالثروات النباتية والمخلوقات النادرة، فشعبها يحب ويحترم ارتباطه بالأرض والطبيعة، فهي أرض الجمال والطبيعة العذرية.
ويعود تسمية هذه الدولة التي تلتئم فيها الطبيعة بكل سحرها وأسرارها بـ«مونتينيغرو» والتي تعني باللغة العربية «الجبل الأسود»، إلى البحارة القدامى الذين أطلقوا عليها هذا الاسم حين كانوا يقتربون من شواطئها عن طريق البحر ليجدوا أنفسهم في مواجهة جبالها الساحلية الشاهقة والمغطاة بالغابات دائمة الخضرة والتي كانت تبدو سوداء من شدة كثافتها.
وعبر شاشة كبيرة في جدارية الجناح تدعوك الجبل الأسود للتوقيع على وثيقة الالتزام بحماية البيئة، كونها تعتبر أول دولة في العالم تتعهد بالحفاظ على مواردها الطبيعية والساحرة ورعايتها، حيث وقع برلمان الجبل الأسود في 20 سبتمبر 1991 إعلاناً تطلعياً أقر بالعلاقة عميقة الجذور بين الإنسان والطبيعة، ونص فيه بصرامة على الحاجة الملحة للعمل الجماعي من أجل حماية البيئة.
تنوع بيولوجي
وتعتبر جمهورية الجبل الأسود الواقعة في جنوب شرق أوروبا على ساحل البحر الأبيض المتوسط، ملاذ الطبيعة العذرية، كونها تعتبر أحد أكثر مراكز التنوع البيولوجي في العالم، فهي موطن لـ3250 نوعاً من النباتات ومئات من فصائل الحيوانات البرية والبحرية والتي تعيش وتزدهر في 5 منتزهات وطنية خلابة 72 منطقة محمية، فتجعلك تمتِع ناظريك بجمال طبيعتها، بدءاً من الحدائق الوطنية ووصولا إلى مواردها المائية وأنظمتها البيئية.
وتشتهر باحتضان نوع نادر جداً من الزهور وهي زهرة «الجرس لوفسين»، وهي تنمو فقط في أعالي جبل «لوفسين» بالجبل الأسود، ويعكف مجموعة من المتطوعين في الدولة على حمايتها من الاندثار من خلال وضع بالونات من الماء حولها تذوب وتطلق الماء في حال نشوب حرائق بالغابة.
وتتأثر منطقة الجبل الأسود بمناخ البحر الأبيض المتوسط، وأصبحت منطقة سياحية بسبب سواحلها وشواطئها الخلابة ومناطقها الجبلية، حيث إن ساحل الجبل الأسود الطويل على البحر الأدرياتيكي، جعل منها مكاناً جاذباً لسياحة الشواطئ، والمواقع التاريخية في العديد من المدن القديمة.
إن روعة ساحل الجبل الأسود المطل على البحر الأدرياتيكي، ما هي إلا بداية لعجائب غنية ومتنوعة في الجبل الأسود التي تمتد على مساحة 14.000 كم مربع؛ من ركوب الطوافات المائية في نهر تارا إلى استكشاف الأراضي الجليدية والوديان العميقة لمتنزه دورميتور الوطني المُدرج ضمن قوائم اليونسكو، والذي يضم آخر غابة صنوبريات عذراء.
ويذكر أن «مونتنيغرو» شقت طريقها نحو الحداثة والتجديد بعد حصولها على الاستقلال التام برغم مرورها بالكثير من التقلبات والمنعطفات، والعديد من التذبذب بين الشرق والغرب وفترة طويلة من عدم الأمان حتى تميزت في البنايات المعمارية للمدن الساحلية الجميلة مثل كوتور، وبيراست، وصارت ملاذاً خيالياً لقضاء العطلات لما سبغت به المنطقة من مناظر طبيعية خلابة وخليط من الجبال والوديان، ناهيك عن عبق الماضي الذي يتجسد في رحيق العصور الوسطى الذي يملأ مدنها وقراها إلى جانب أودية أنهارها الخالدة وشواطئها الساحرة.
السكان الأوائل
ويعتبر السكان الأوائل لدولة الجبل الأسود هم الإلليريانيون، وفي القرن السادس الميلادي سكنها السلافيون، أما في القرن التاسع الميلادي استطاعت الرومان السيطرة عليها، لكن بعد تقسيم الإمبراطورية الرومانية إلى إمبراطورية شرقية وإمبراطورية غربية سقط الحكم فيها.
ومن القرن التاسع الميلادي إلى الثاني عشر الميلادي خضعت الدولة إلى حكم مملكة دوكليا، وازدهرت البلاد حتى سمي عصر حكمهم بالعصر الذهبي، وفي القرنيْن الثامن والتاسع الميلادي ظهر النظام الإقطاعي في البلاد الذي بني على رابطة قرابة الدم والعصبية القبلية.
أما في القرن السادس عشر الميلادي دخلت المدينة تحت الحكم العثماني الإسلامي، وأصبحت الدولة عبارة عن دويلة ذات حكم ذاتي، وفي العام 1878م أصبحت إمارة شبه مستقلة يحكمها أمير، وفي العام 1910م أصبحت البلاد مملكة وكان أول ملك لها هو نيكولاس الأول، وأثناء الحرب العالمية الأولى كانت الجبل الأسود تقاتل ضد دول المحور المجر وتركيا وألمانيا والنمسا، وبعد هذه الحرب ضمت البلاد إلى مملكة صربيا التي أصبحت جزءاً منها.
وأثناء الحرب العالمية الثانية داهم الألمان البلاد واحتلوها، وذلك في العام 1941م، لكن مع نهاية هذه الحرب أصبحت البلاد جزءاً من اتحاد يوغسلافيا، وفي العام 2006م أعلنت البلاد بأنها جمهورية مستقلة عن صربيا، ولكن تأثرت الموسيقا في البلاد بمزيج بين الموسيقا العثمانية والتقاليد السلافية، والألبانية، والغجرية، والنمساوية، والهنغارية، والغربية، والصربية، واليوغوسلافية.