عدد قليل جدا من الفنانين لديهم موسيقى خالدة حقا، تلك التي تظل جديدة ورائعة وجميلة بعد 40 أو 50 عاما كما كانت يوم إصدارها لأول مرة، لكن فرقة آبا ABBA الأسطورية تكاد تكون قريبة جدا من ذاك التوصيف.
وتعد مسرحية “Mamma Mia” الغنائية والأفلام التي انتجت عنها، من أنجح أعمال الفرقة التي خلدتها حتى وسط جمهور من المعجبين الشباب الذين لم يكونوا قد ولدوا بعد، حين راجت أغاني تلك المسرحية في سبعينيات القرن الماضي.
وبعد مرور أربعين عاما على آخر ألبوم غنائي للفرقة، حققت آبا بإصدار ألبومها الجديد Voyage إحدى أقوى العودات المنتظرة طويلا على الساحة الفنية.
لكن وعلى الرغم من ذلك فإن الألبوم المكون من 10 أغنيات خلق انقساما كبيرا بين النقاد.
رأت مجلة رولينغ ستون الفنية أنه بعد أربعين عاما خرج ألبوم آبا ليثبت أنه كان يستحق الانتظار، وقد أعطى الموقع تقييما من أربع نجوم للفرقة معلقا “إنها Abba الكلاسيكية، فالألبوم الجديد ما هو إلا استكمال لمسيرتها المبهرة في السبعينيات”.
أما صحيفة الغارديان فقد أعطت الألبوم الجديد للفرقة العريقة نجمتين فقط ووصفته بأنه “مخييب للآمال” ويبدو أنه “تعوزه القدرة على استرجاع الزخم والتأثير الذي كان يصبغ الأعمال القديمة للفرقة”.
“مفعمون بالحيوية”
يأتي ألبوم Voyage بعد شهرين من إصدار فرقة موسيقى البوب الأسطورية لأول أغنيتين جديدتين منفصليتن هما أغينة I Still Have Faith In You، وأغنية Don’t Shut Me Down.
وقالت الكاتبة جود روجرز من صحيفة الغارديان: “إن الأغنيتين الرائعتين اللتين صدرتا بشكل منفرد أعطتا الإيحاء بأن هذا الألبوم سيكون بنفس المستوى، لكنه للأسف لم يرق إلى التوقعات والتطلعات”.
وأضافت: “بدلا من أن تعكس بقية أغاني ألبوم Voyage عبق الماضي وإرث الفرقة الرائع، بدا أن معظمها مقيد بذلك الماضي وعالق فيه بصورة سلبية”.
ومضت روجرز للقول: “من بين أغاني الألبوم، أغنية When You Danced With Me، تثير الغثيان قليلا، أما أغنية عيد الميلاد Little Things فتعتبر “جريمة كبيرة بحق الإحساس والعاطفة”.
وتمنت على الفرقة الأسطورية لو أنها “توقفت عند إصدار الأغنيتين اللتين أصدرتهما قبل الألبوم وتركت الأمر عند هذا الحد، وسمحت لمخيلتنا بالحفاظ على الصورة المبهرة”.
وعلى الرغم من إعجاب مجلة رولينغ ستون بالألبوم، إلا أنها قدمت نقدا لبعض الأشياء الصغيرة تحت عنوان “حشو مزعج”.
وقال الناقد في المجلة روب شيفيلد: “لكن بخلاف بعض الأشياء البسيطة يعكس ألبوم Voyage، المسافة التي قطعها هؤلاء الأربعة، موسيقيا وعاطفيا”.
كما رأى أن لا ضير في محاولة الفرقة مخاطبة الجيل الجديد بطريقة تمكنها من التواصل معه.
لكنه أخذ على الفرقة الأسطورية إغراقها في الدراما الحزينة التي تعكسها أغاني الألبوم ،معلقا أنه يشبه ألبوم Mamma Mia الذي حقق شهرة واسعة بأغانيه الجميلة التي عاشت لأجيال كثيرة، لكن ينقصه الأغاني المبهجة التي ميزت الأخير مثل Mamma Mia و Take A Chance On Me”.
وختم قائلا: “إن عودة هؤلاء السويديين إلى الساحة الفنية مفاجأة كبيرة وسارة، لكن المفاجأة الأكبر والأكثر روعة أنهم عادوا مليئين بالحيوية الموسيقية”.
ومنحت الكاتبة هيلين براون من صحيفة إنديبندنت ألبوم Voyage خمس نجوم ووافقت على أنه “عمل مفعم ببراعة الفرقة الحماسية التي تقدم جميع نكهات Abba الكلاسيكية”.
وقالت: “لم تحاول الفرقة تحديث الزينة القديمة المبهرجة لأغانيهم في الثمانينيات، ولطالما كان بيورن أولفيوس وبيني أندرسون رجال أعمال حاذقين، وهم يعلمون أن جاذبيتهم لم تتمحور يوما حول لحاقهم بما هو شائع أو مجار لأهواء العصر بغض النظر عن ماهيته”.
ووصف إد بوتون الناقد في صحيفة التايمز ألبوم Voyage بأنه “مزيج مألوف بشكل جميل من المشاعر الواضحة والموسيقى البديعة واللامبالاة المطلقة بالموضة”.
وأضاف: “مثل الكثير من أغاني Abba السابقة، يمكن أن تبدو هذه الأغاني ليست على قدر كبير من الأهمية عند الاستماع لها لأول مرة، ومع ذلك تأسرك الجاذبية الموسيقية لألحان بيني أندرسون ورؤى بيورن أولفايوس الغنائية الغريبة”.
ويمضي للقول: “تتشارك أغنيثا فلتسكوغ وآني فريد لينغستاد الغناء كما اعتادتا في السابق، ورغم أن صوتيهما باتا أقل بريقا من ذي قبل، إلا أنهما ما يزالان يتسمان بالنقاء والرشاقة والحيوية”.
“ألبوم غريب ومربك”
أشارت كيت سولومون من صحيفة آي، إلى أن الفرقة الأسطورية لم توفق في ألبومها الجديد ووصفته بأنه “غريب ومربك”.
وأوضحت: “يبدو الأمر وكأننا وُعدنا بنقلة نوعية لأغان جديدة لكن انتهى بنا المطاف إلى منتوج مغاير لما توقعناه”.
وأضافت “الأغاني تشعرك بمسعى لتقليد أجواء المسرحية الغنائية صوت الموسيقى؛ محاولة قديمة وتفتقد العصرية إلى حد ما، وعاطفية للغاية في سعيها لاستعادة شيء يبدو أنه قد فُقد بالفعل”.
وقال نيل ماكورميك من صحيفة التلغراف إن فالتسكوغ ولينغستاد “لا تزالان قادرتين على أداء الأغاني بسلاسة”، بينما “لم يفقد أندرسون وأولفايوس قدرتهما على صياغة لحن متدفق مزين بلمسات متلألئة”.
وأضاف “Voyage هي رحلة بحرية لطيفة تعيدك إلى مناطق بعيدة حيث تألقت الفرقة في زمن سابق”.
“لا نسعى لإثبات شيء”
قال عضو الفرقة بيني أندرسون لبي بي سي نيوز: “لسنا بحاجة إلى إثبات أي شيء ..ولا أعتقد أننا نجازف بطرحنا هذا الألبوم إذ لا أرى ضيرا إذا كان رأى الجمهور أننا كنا أفضل قبل 40 عاما”.
كما قال إنه يعتقد أن Voyage سيكون العمل الختامي للفرقة. وأخبر مراسل الترفيه في بي بي سي كولن باترسون “قلت لزملائي في الفرقة أن لا رغبة لدي في تقديم عمل آخر بعد Voyage وأنه سيكون خاتمة أعمال فرقة آبا، لكني لست المعني الوحيد، نحن أربعة شركاء، وإذا حاولوا إقناعي قد ينجحوا في ذلك وقد أعدل عن قراري”.
أما بيورين أولفيوس فقال: “رغم أنني لا أجزم بأنه لن يكون هنالك أعمال أخرى لفرقة آبا، لكنني أتفق مع بيني. أعتقد أن هذا كان عملنا الوداعي”.
ومن المقرر أن تقدم الفرقة عرضا رقميا بتقنية “هولوغرام” وسيطلق على أعضائها اسم Abbatars، وسيقدمون حفلات موسيقية افتراضية في ساحة شيدت خصيصا في لندن اعتبارا من مايو/ أيار المقبل.