saudialyoom
"تابع آخر الأخبار السعودية والعربية على موقع السعودية اليوم، المصدر الأمثل للمعلومات الدقيقة والموثوقة. انضم إلينا الآن!"

أولغا بريتش.. نجمة الفلامنغو على المسرح

52

تدوس الأرض بقدميها بقوة، تسدد ضربات متتالية، وتترك صداها ليحلق في فضاء المكان، تضع يديها على ساقها، وتتحرك بقوة تارة نحو اليمين وأخرى نحو اليسار، وتدور بسرعة، تتقدم وتتراجع في اتجاهات مختلفة، تقف فجأة في وسط الخشبة، وتصبح نظراتها أشد وأكثر حدة، ترفع يديها نحو الأعلى وتصفق، تغني وتحرك عودها وفق اهتزازات الوتر، وفجأة تقع على الأرض، قبل أن ترتد ثانية بطريقة مذهلة، إنها الراقصة الإسبانية أولغا بريتش، تلك النحيفة، ممتشقة القوام، التي احترفت رقص الفلامنغو، واتخذت منه مساراً لحياتها ومهنتها، أطلت على العالمين، أول من أمس، على خشبة مسرح دبي ميلينيوم، وقد رافقها ثلة من العازفين والمغنين الذين رددوا كلماتهم وأطلقوا أصواتهم في فضاء المكان، ضحكوا وبكوا وصفقوا وتنافسوا معاً، في عرض مذهل، لعبت فيه أولغا بريتش دور البطولة، فكافأها الجمهور بتصفيق طويل، رفعوا من خلاله «قبعاتهم» تحية للراقصة المعاصرة.

سياق

لأولغا بريتش طريقة خاصة في إبهار من يتابعها، فهي لا تحترف رقص الفلامنغو التقليدي فقط، وإنما تسعى دائماً إلى تقديمه ضمن سياق حكاية متكاملة لها، تصعد في منتصفها نحو الذروة، تحلق بالجمهور عالياً، تمهيداً لتأخذه نحو حدود النهاية، ذلك ما قدمته أولغا على خشبة المسرح، حيث جاءت اللوحة الأولى من العرض أشبه بعرض مسرحي متكامل، هيمنت عليه الموسيقى والرقص، خلاله جددت أولغا طاقتها وحضورها على الخشبة، حيث الحكاية تبدأ بمجموعة تتحلق حول طاولة، يتجاذبون الكلمات التي سرعان ما تشعل بينهم تحدياً خاصاً لا تغيب عنه نغمات الموسيقى ولا حركات الفلامنغو التي يتولى تقديمها زميل أولغا بريتش التي تكون بدورها غائبة عن الوعي، لتصحو لاحقاً وتدخل في تفاصيل هذا التحدي الذي تشحن من خلاله الجمهور بطاقة جديدة.

عرض

لم تتوقف أولغا عند حدود العرض المسرحي، فقد تقلبت بين مجموعة من أنواع الرقصات التي تقوم عليها الفلامنغو، بدءاً من المنفردة وليس انتهاءً بالجماعية، حيث حرصت أولغا على تقديمها ضمن قوالب معاصرة تتناسب مع طبيعة الحياة، متوسدة في ذلك على كون أن الفلامنغو يمثل نمطاً فريداً من الموسيقى، يمزج بين الألحان والشعر والرقص، مستفيدة في الوقت ذاته من نوعية إيقاعاته الخاصة، التي لا تستند فقط على اهتزاز وتر الغيتار وإنما تعتمد أيضاً على نقرات قدميها التي تهز بها الخشبة، معبرة عن تراث فني وثقافي تجسدت فيه ملامح أسبانيا بأكملها، كون الفلامنغو يجمع بين ثناياه بعضاً من قصائد «الكانتي خوندو» التي تذهب عميقاً في الغناء، وتعبر عن ألم الحب والرومانسية، وهناك قصائد أخرى أكثر تفاؤلاً وفرحاً، كتلك التي قدمتها أولغا على الخشبة.

في عرض أولغا بريتش حضر الغيتار بكل أوتاره وأناقته، بدا العزف فيه ارتجالياً، واجتهد أعضاء الفرقة على نقل أحاسيسهم ومشاعرهم الداخلية، التي رقصت عليها أولغا بكل رشاقة، لتذكرنا بإبداعات زرياب، الذي جدد الموسيقى وطورها بطريقة مذهلة، لا تزال بصمتها لامعة في ذاكرتنا حتى اللحظة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.