كشفت نتائج أولية ومسؤولون حكوميون أن «التيار الصدري»، بزعامة رجل الدين العراقي مقتدى الصدر، جاء في المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية العراقية، وزاد من عدد مقاعد كتلته في البرلمان.
وبناء على نتائج أولية من محافظات عراقية عدة، إضافة إلى العاصمة بغداد، تحقق منها مسؤولون حكوميون محليون، فاز «التيار الصدري» بأكثر من 70 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 329. وبحسب النتائج الأولية، حصل تحالف «تقدم»، الذي يقوده رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، على 38 مقعداً، فيما فاز «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بـ32 مقعداً.
وقال متحدث باسم مكتب الصدر: إن عدد المقاعد الذي فاز بها التيار 73. ونشرت مؤسسات إخبارية محلية الرقم نفسه. وذكر مسؤول بمفوضية الانتخابات في العراق أن الصدر جاء في المركز الأول، لكن لم يتسن له بعد تأكيد عدد المقاعد الذي فازت بها كتلته.
وفي هذه الأثناء، قالت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق: إن نسبة المشاركة الأولية في الانتخابات البرلمانية التي أجريت، أمس الأول، بلغت 41 في المئة.
وكان مسؤولون بالمفوضية أشاروا إلى أن الانتخابات البرلمانية شهدت أقل نسبة مشاركة في سنوات، إذ تشير قلة الإقبال إلى تضاؤل ​​الثقة.
وتقدم «التيار الصدري» كان متوقعاً بحسب مراقبين. ويعارض الصدر كل أشكال التدخل الأجنبي في العراق.
بيد أن مسؤولين عراقيين ودبلوماسيين أجانب ومحللين يقولون: إن مثل هذه النتيجة لن تغير، بشكل كبير، موازين القوة في العراق.
وقال مسؤولان بمفوضية الانتخابات: إن إقبال الناخبين المؤهلين على مستوى البلاد بلغ 19 في المئة بحلول منتصف النهار. وفي الانتخابات السابقة عام 2018، بلغت نسبة المشاركة 44.5 في المئة.
وعادة ما تعقب الانتخابات العراقية مفاوضات مطولة، تستمر شهوراً، بشأن الرئيس ورئيس الوزراء ومجلس الوزراء.
وفي مدينة الصدر ببغداد، شهد مركز اقتراع في مدرسة للبنات تدفقاً بطيئاً لكنه مطرد في عدد الناخبين.
وقال المتطوع في الانتخابات حميد ماجد، البالغ 24 عاماً: إنه صوت لمعلمته القديمة في المدرسة المرشحة عن «التيار الصدري». وأضاف: «درّست لكثيرين منا في المنطقة، لذلك فإن جميع الشبان يصوتون لها»، معتبراً أنه الوقت المناسب لـ«التيار الصدري».
وتأتي هذه الانتخابات قبل موعدها المقرر بعدة أشهر، وتجرى وفقاً لقانون جديد تم سنه لمساعدة المرشحين المستقلين. كما أنها جاءت نتيجة احتجاجات حاشدة مناهضة للحكومة قبل عامين.
وقال ريناد منصور من مبادرة العراق في تشاتام هاوس: «التنافس وطريقة وتشكيل الحكومة سيبقيان على حالهما فيما يبدو، إذ ستأتي الأحزاب نفسها لتقاسم السلطة».
وأشار المدرس بالمدارس الثانوية عبد الأمير حسن السعدي إلى أنه قاطع الانتخابات، وهي أول اقتراع برلماني منذ احتجاجات 2019 وما تلاها من حملات. وقوبلت المظاهرات بقمع، وقتل حوالي 600 شخص على مدى عدة أشهر.
وأضاف السعدي، الذي يوجد منزله بالقرب من مركز اقتراع بحي الكرادة في بغداد: «فقدت ابني حسين وعمره 17 عاماً، بعد أن قُتل بقنبلة غاز مسيل الدموع أطلقتها الشرطة خلال تظاهرات بغداد».
ومضى يقول: «لن أصوت لأن الجرح بداخلنا أنا وأمه لا يزال ينزف لفقده».
وقالت فيولا فون كرامون رئيسة بعثة مراقبة الانتخابات التابعة للاتحاد الأوروبي: إن المشاركة المنخفضة نسبياً تعني الكثير. وأضافت للصحفيين: «هذه إشارة واضحة بالطبع، ويمكن للمرء أن يأمل فقط أن يسمعها السياسيون والنخبة السياسية في العراق».
لكن بعض العراقيين أبدوا حرصاً على المشاركة في الانتخابات البرلمانية، وهي خامس اقتراع في البلاد منذ 2003، ويأملون في أن يأتي بالتغيير. وقال أبوعبد الله في مدينة كركوك شمال البلاد: إنه جاء قبل فتح مراكز الاقتراع بساعة استعداداً للإدلاء بصوته.
وأضاف: «أتيت منذ الصباح الباكر لأكون أول ناخب يشارك في حدث آمل أنه سيأتي بالتغيير، ونتوقع أن يتحسن الوضع بشكل كبير».
ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ليس مرشحاً في الانتخابات، لكن المفاوضات بعد التصويت قد تسفر عن توليه المنصب لفترة ثانية. والكاظمي لا يحظى بدعم حزب بعينه.
وللأكراد حزبان رئيسيان يحكمان إقليم كردستان العراق المتمتع بالحكم الذاتي، ويخوض السنة هذه الانتخابات بكتلتين رئيستين.
والعراق أكثر أمناً مما كان عليه قبل سنوات، وتراجعت أعمال العنف الطائفية منذ هزيمة تنظيم «داعش» الإرهابي في عام 2017، بمساعدة تحالف عسكري دولي.
لكن الفساد المستشري وسوء الإدارة يحرمان كثيراً من الناس في الدولة، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 40 مليون نسمة، من الوظائف والرعاية الصحية والتعليم والكهرباء.