إديث ضد الخوف والعجز والألم

ياسر أيوب

كانت الأمريكية إديث فى الحادية والتسعين من عمرها حين فوجئت بإصابة صديقتها كارمن بهشاشة العظام.. وحين نصح الأطباء كارمن بضرورة أداء بعض التدريبات الرياضية مع العلاج الطبى.. أصرت كارمن على ضرورة أن تذهب إديث معها إلى إحدى الصالات الرياضة بمدينة تامبا فى ولاية فلوريدا.. ولم تقتنع إديث فى البداية لكنها عادت ووافقت على أداء بعض التدريبات فقط لمجاملة صديقتها وتشجيعها، ثم أدركت بعد قليل أنها بدأت هى نفسها تستمتع بما تقوم به.. ولأنها امرأة تعشق التحدى ولا تعترف بالشيخوخة أو العجز أو الخوف، وتصر على القيام بما تريده طالما لا تسىء إلى أحد.

فقد قررت أن تبدأ ممارسة لعبة رفع الأثقال.. وباستثناء قليلين جدا منهم صديقتها كارمن وابنها جارى.. لم يصدق إديث أحد فى البداية أو يقتنع بما تريده، وكان هناك من سخروا من امرأة تخطت التسعين من عمرها قررت أن تبدأ ممارسة رفع الأثقال، وأن تشارك فى مسابقاتها أيضا.. ولم تهتم إديث بذلك وبدأت مشوارا اختارته وأصرت عليه.. ومنذ أيام قليلة صدر الكتاب السنوى 2022 لمؤسسة جينيس للأرقام القياسية وفيه حكاية إديث مورواى تراينا، التى أصبحت أكبر امرأة فى العالم وفى التاريخ تمارس رفع الأثقال.. وقد صدر الكتاب بعدما احتفلت إديث فى شهر أغسطس الماضى بعيد ميلادها المائة.

وفوجئت إديث وكل من حولها وأسرتها وأبناؤها و10 أحفاد و14 من أبناء الأحفاد بالتفات العالم كله لإديث أو لهذه المرأة القوية وحكايتها الاستثنائية.. حكاية لم يرها الجميع بنفس المعنى أو الدلالة.. فهناك من رآها انتصارا للرياضة ولعبة رفع الأثقال بالتحديد.. وهناك من رآها استثناء غريبا أو مجنونا ولا يصلح للتطبيق مع أى أحد وأى امرأة أخرى حتى لو أصغر عمرا.. وبقيت إديث وحدها هى التى لم تر فى حكايتها أمرا عجيبا أو جديدا.. فهى تقوم بذلك طوال الوقت.

وبعد أن تزوجت مرتين.. عاشت سنواتها الأخيرة وحدها تماما فى سيارة ضخمة أحالتها إلى بيت متنقل.. وبعدما كانت تستقل سيارات أوبر فى البداية للذهاب إلى الصالة الرياضية عادت وجددت رخصة قيادتها للسيارات حتى تذهب بنفسها.. وحين ذهب إليها مسؤولو موسوعة جينيس.. قالت لهم إن البطولة الحقيقية لأى أحد هى ألا يخاف أو يستسلم لأى ضعف أو حزن أو ألم.