saudialyoom
"تابع آخر الأخبار السعودية والعربية على موقع السعودية اليوم، المصدر الأمثل للمعلومات الدقيقة والموثوقة. انضم إلينا الآن!"

حضرة الناظر!

49
طارق الشناوي

طارق الشناوي

لم يعد صاحبنا مطلوبًا داخل الملعب، فقرر-هو الذى قرر- أن ينتقل من قائمة اللاعبين، إلى مكانة (حضرة الناظر)، يوجه الجميع إلى الأسلوب النموذجى الأمثل، الذى يجب عليهم جميعًا الالتزام به، رغم أن سر بقائه طوال هذه السنوات على دكة الاحتياطى، أن الزمن يتغير حوله، بينما هو لا يزال تحركه مفردات وأفكار الماضى التى ينعتها بالنموذجية.

أصبح السؤال الدائم الذى نواجهه فى (الميديا) أين كبار المبدعين؟ مثلًا كلما استمعنا إلى أغانى تلك الألفية شعرنا بحنين لزمن ولى ولن يعود، نكتشف أن عددا ممن قدموا لنا روائع الماضى لا يزالون بيننا أحياء يرزقون، إلا أنهم مستبعدون ولا يبدعون، هل يصبح الحل والحسم بأيديهم، بمجرد عودتهم سينضبط حال مقامات (السيكة) و(النهاوند ) و(البياتى)، وستختفى إلى غير رجعة أغانى (المهرجانات)؟ نقرأ أسماء كبار المؤلفين والمخرجين والنجوم ممن لم تعد جهات الإنتاج تستعين بهم، نعتقد موقنين أن عودتهم للميدان تكفى لضبط الحال، وتعديل البوصلة للمسار الصحيح.

 

يتعرضون جميعًا لإقصاء متعمد، أم أن إيقاعهم بات خارج الزمن؟

 

هل قانون العرض والطلب يكفى لضمان تطبيق قاعدة البقاء للأصلح؟ لا أتصور أن هناك مؤامرة على جيل الكبار، رغم أحقية عدد منهم فى التواجد، إلا أن جزءا لا بأس به منهم اكتفى بمقعد الناقد وأحيانا الناقم، الذى يُطل على الحياة الفنية بقدر لا ينكر من التعالى، ثم نكتشف مع أول تجربة أن بطارية إبداعه أصابها العطب، وأن هناك فروقًا شاسعة فى التوقيت بينه وبين الجمهور.

 

ورغم ذلك لدينا مبدعون ظلت طاقتهم متجددة، لديكم الراحل وحيد حامد غادر الحياة وهو متعاقد على مسلسل (الجماعة) الجزء الثالث، وفيلم (الصحبة)، كما أنه اعتذر عن عدم الاستجابة لأكثر من عمل، أيضًا عادل إمام لا يزال هو الورقة الرابحة دراميًّا، وهو صاحب قرار الغياب عن الاستوديوهات بسبب الخوف من (كورونا)، يحيى الفخرانى عاد بعد غياب لأنه طوال العامين الماضيين لم يجد ما يستحق الحضور، لديكم مثلًا سميرة سعيد بدأت المشوار فى منتصف السبعينيات، ومنذ ذلك التاريخ وهى متواجدة على الخريطة، تبحث عن الكلمة والنغمة العصرية، بل كثيرًا ما تمكنت من أن تسبق فى الجرأة والمشاغبة جيل أنغام وشيرين ونانسى، لديكم عمرو دياب يتابع بدقة ما يجرى فى الشارع، حتى ما يُكتب على عربات (التوك توك) المنتشرة فى الأحياء الشعبية بمصر، ستجد أن جزءًا من تلك الكلمات أخذها إلى ملعبه ورددها بأسلوبه، لم يتعال حتى على ألحان (المهرجانات)، بل استلهم روحها فى أغانيه، جورج وسوف (الستينى) لديه قدر من الإعاقة الحركية، إلا أنه هو الأعلى أجرًا بين مطربى الحفلات، محمد منير حامل لقب (الملك)، هؤلاء وغيرهم عاصروا على الأقل ثلاثة أجيال، الجد والأب والحفيد، ولا يزالون فى نفس المكانة لأنهم لم يرتدوا أبدًا ثوب (حضرة الناظر).

 

أحيانًا أتابع فنانًا موقنًا أن ساعة الإبداع قد توقفت عقاربها فى اللحظة التى غادر هو فيها الملعب، وأنه بمجرد عودته ستصبح هى ساعة الصفر لبدء الانطلاق، هؤلاء يعيشون فى عالم خيالى (لا لا لاند)، بعض الكبار يتحملون القسط الأكبر من أسباب الغياب لأنهم بعد انتهاء فترة الصلاحية، لم يسارعوا بإعادة شحن البطارية!!.

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.