أصدق الكثير مما يقال عن زيارة مخلوقات فضائية لكوكبنا، ومنها ما أكده عالم فلك في جامعة هارفارد الأمريكية الراقية حول ذلك، ولا أفهم لماذا يعتقد معظمنا أننا وحدنا في هذه المجرة، ووحدنا نزور الكواكب الأخرى كالقمر والمريخ، ونبحث عن كواكب يشبه مناخها كوكب الأرض لنصدق إمكانية وجود مخلوقات مثلنا هي جيراننا في هذه الأرض المجرة، وأتساءل دائماً: الله تعالى الذي خلقنا، في وسعه -لو شاء- أن يخلق لكل كوكب مخلوقات تناسب طقسه ومناخه، ولعلنا لم نلتق بعد بتلك المخلوقات (إلا في أفلام السينما) لكنها قد تكون موجودة وتعرف عنا ما نعرفه عنها.. وتعرف استحالة حياتها على كوكبنا كما العكس.
ما أقصده مما تقدم: اطلاق سراح الخيال الكسيح بسبب التفكير (المنطقي) المحدود. وببساطة، لست متأكدة من أن الجنس البشري وحده يسكن هذه المجرة، كما لا دليل عندي على العكس.. لكنني أحب إطلاق سراح الخيال.. فمن يدري، لعل ثمة حقائق في المجرة تفوق خيالنا.. ولعلنا لا نعرف عن الحياة في الكواكب الأخرى إلا ما يعرفه ضفدع في قعر بئر!
عالم مجنون في كوكبنا!
ولا أدري ما إذا كانت مخلوقات العوالم الأخرى أكثر تعقلاً منا أم لا. فقد قرأت في مجلة «كلوسر» الفرنسية أن أحد الأظافر الاصطناعية للمغنية «ليدي غاغا» بيع بمبلغ 9000 يورو؛ أي ما يكفي لتعليم شابين فقيرين في جامعات راقية.
وقرأت أن المقعد الذي جلست عليه الأديبة ج.ك. رولينغ، حين قامت بتأليف كتبها عن الساحر الصغير هاري بوتر، تم بيعه بمبلغ 394 ألف يورو. وأن قطعة لبان (علكة) مضغتها النجمة «بريتني سبيرس» بيعت بمبلغ 14 ألف دولار.
أما قطعة صغيرة من كعكة زفاف الأمير البريطاني وليم مع كيت ميدلتون، فبيعت بمبلغ 3 آلاف يورو.
ترى ما الذي سيقوله عنا سكان الكواكب الأخرى حين يعلمون بحماقاتنا البشرية، أم أنهم أكثر حماقة؟
فأحد جوارب الإمبرطور نابليون بونابرت بيع بمليون دولار، وذلك بمناسبة مرور قرنين على موته، والسؤال هو: هل تلك الجوارب ارتداها الإمبرطور حقاً؟ وعلام ذلك الاهتمام باقتنائها وتكريمها؟ حين زرت جزيرة كورسيكا وذهبت إلى مدينة أجاكسيو وزرت البيت المتواضع الذي نشأ فيه من صار فيما بعد إمبرطوراً، أي بونابرت، لم تدهشني الحراسة المشددة، إذ يكفي أن يسرق أحدهم وسادته التي كان ينام عليها بونابرت ليصير مليونيراً.. فالذكرى المئوية الثانية لوفاة الإمبراطور الفرنسي الشهير (5 أيار / مايو1821) أيقظت شهية جامعي التذكارات على شراء كل ما كان يخصه، بما في ذلك جوربه، بمليون دولار!
كيف نتخيل جيراننا في المجرة؟
لعل القارئ يتخيل صورة زائر لنا من كوكب آخر على نحو مختلف عن سواه.. السينما الأمريكية استلهمت ذلك لأفلام بعضها مشوق. هناك مثلاً فيلم (E.T) بالعربية (إي. تي) الكائن الفضائي على كوكب الأرض، حين أقلعت مركبته الفضائية التي زارتنا عائدة إلى كوكبها.. ونسيته على كوكب الأرض. وأحبه ووثق به طفل أرضي وأخفاه في غرفته.. وساعده ورفاقه على العودة إلى كوكبه، إذ لم يكن «إي. تي» يحلم بغير ذلك. وثمة مشهد مؤثر حين تأتي مركبة فضائية لاستعادة مواطنها (إي. تي) ويقول للصبي الصغير الذي احتضنه وأنقذه من التشريح وأخفاه في غرفته وساعده على العودة إلى كوكبه، يقول له: تعال معي. ويرد الصبي: ابق هنا. ويعود الفضائي دون تسبيب أذى لكوكبنا. فلكلٍ كوكبه وعالمه.
أهل الكوكب الشريرون
في فيلم آخر يتخيل المخرج كوكباً فضائياً بالغ (التقدم) علمياً، وبالغ الشر يدمر نصف نيويورك، ويكاد يحكم كوكب الأرض بأسلحته، لكن لدى أهل الأرض سلاح هو الموسيقى (رمز جميل) يدمر الآتين من كوكب آخر، فالموسيقى وحدها تستطيع قتلهم (وحتى الأفلام الهزلية لم تخل من تصور ما سيكون عليه أهل الكواكب الأخرى الذين سيزورون كوكب الأرض، كما نزور القمر والمريخ.
وثمة فيلم طريف من تمثيل النجم الفرنسي لوي دي فينيس (الشرطي في بلدة سان تروبيه، المصيف الشهير في جنوب فرنسا) حيث يذهب إلى موعد غرامي في الضاحية ويشاهد هبوط مركبة فضائية آتية من كوكب آخر، ولا يصدقه أحد. وفي نهاية الفيلم يصدقونه، وأهل ذلك الكوكب يستطيعون بنظرة عين إلغاء مقهى على شاطئ البحر مثلاً وإحراقه، وينتهي الفيلم بتصديق رئيس المخفر له (ميشيل غالابرو، الممثل الشهير الراحل) إذ يرى بعينيه أن السلاح الوحيد ضد أولئك الفضائيين هو ابتلالهم بالماء، والحكاية تطول…
ولكن السينما الجادة والرومانسية والهزلية استوحت الكثير من فكرة سكان الكواكب الأخرى في حقل السينما بالذات.. ووجدناهم، يميلون إلى تدمير سكان الأرض في معظم الأفلام وليس على طريقة فيلم (إي. تي) حيث يتعاون المراهقون على إعادته إلى كوكبه، ويستطيع بقواه الخفية أن يطير بهم بدراجاتهم وينجون من ملاحقة رجال الشرطة!
عمرو مجدح من كوكب المودة والاحترام!
حين قرأت ما كتبه عمرو مجدح ـ من سلطنة عمان، في حواره مع الأديبة السورية الكبيرة كوليت خوري، شعرت أنه آت من كوكب آخر: من مجرة التقدير «29 ـ 9 ـ 2020 القدس العربي» وفي ذلك الحوار قالت كوليت أجمل ما تقوله (بشرية) مبدعة من كوكب الأرض: «سألوني ذات يوم، أنت تكتبين طمعاً في الشهرة، قلت: إطلاقاً، أنا أكتب تحدياً للموت. أشعر بهذه الأسطر أنني أطيل حياتي». في كل سطر لعمرو مجدح نشعر أنه قادم من كوكب المحبة والاحترام، وذكرني ذلك بالنقيض؛ أي بحوار هاتفي لي مع كاتب كان يدعي أنه يريد الدفاع عني من خلال استجوابي حول نشري لرسائل أنسي الحاج إليّ. وشعرت بأنه آت من كوكب اللامودة الأبجدية وهو يطرح عليّ أسئلة مفخخة، وانطلقت صفارات الإنذار عندي!
أهل كوكب المودة يتناقصون. وعمرو تعامل في حواره مع كوليت بمودة وباحترام مع تاريخها الأدبي الطويل، وتستحق ذلك.