بدأت تطورات الأوضاع في لبنان تأخذ منحى جديداً حيث دخل قائد الجيش جوزف عون على الخط مباشرة في انتقاد المسؤولين، حيث تساءل “إلى أين نحن ذاهبون” تزامناً مع تجدّد ثورة 17 تشرين/أكتوبر، حيث عمّت الاحتجاجات مختلف المناطق اللبنانية تحت عنوان “إثنين الغضب” وقُطعت الطرقات على وقع الأناشيد الحماسية، وعلت الهتافات المندّدة بالطبقة الحاكمة، ورفع البعض في المناطق المسيحية صور البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.
وبدأت الحركة الاحتجاجية منذ الصباح الباكر، وارتفع الدخان الأسود جرّاء إشعال إطارات السيارات وحاويات النفايات من أقصى الشمال حتى الجنوب، وصولاً إلى البقاع، اعتراضاً على الأوضاع الحياتية والمعيشية وارتفاع سعر صرف الدولار الذي بلغ 10400 ليرة. ويجدر التوقف عند موقف قائد الجيش الذي تجاهل طلب رئيس الجمهورية ميشال عون بفتح الطرقات، وأبقى الجيش على الحياد واعتبر ان الجيش موجوع مثل الشعب.
وفي موقف هو الأقوى منذ تسلّمه قيادة الجيش، أعلن قائد الجيش العماد جوزف عون رفضه التدخّل في شؤون الجيش، وقال خلال ترؤسه اجتماعاً لأركان القيادة وقادة الوحدات والأفواج “يشنّون حملات سياسية علينا لتشويه صورتنا، وهذا الأمر لن يتحقق وممنوع التدخل بشؤوننا أو بالترقيات أو التشكيلات والجيش متماسك، وفرطه يعني نهاية الكيان”.
وخلال الاجتماع تحدث العماد جوزف عون عمّا يعانيه البلد نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي، مشيراً إلى “أن الجيش هو جزء من هذا الشعب ويعاني مثله”. وقال” إن الوضع السياسي المأزوم انعكس على جميع الصعد، بالأخص اقتصادياً ما أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والجوع، كما أن أموال المودعين محجوزة في المصارف، وفقدت الرواتب قيمتها الشرائية، وبالتالي فإن راتب العسكري فقد قيمته”. وأضاف: “العسكريون يعانون ويجوعون مثل الشعب”، متوجهاً إلى المسؤولين بالسؤال” إلى أين نحن ذاهبون، ماذا تنوون أن تفعلوا، لقد حذّرنا أكثر من مرة من خطورة الوضع وإمكان انفجاره”. وسأل “بدكم الجيش يظلّ واقف على إجريه أو لأ”. ولفت إلى “أن البعض يتهمنا أننا نعيش بنعيم ويجب وقف الهدر، لكن هذا غير صحيح وهذه اتهامات باطلة لن نقبل بها، ولن نرضى أن يتم المسّ بحقوق عسكريينا سواء في الخدمة الفعلية وحتى المتقاعدين. وعلى الرغم من استعدادنا الدائم للتضحية في سبيل وطننا وأهلنا، لكن حقوقنا هي واجب على الدولة تجاهنا”.
وفيما كان الشعب اللبناني ينتظر من الطبقة الحاكمة إعلان فشلها والرحيل، إذ بها تواصل سياسة الإنكار والمكابرة، وتوصي بعد الاجتماع الأمني والمالي والقضائي الذي انعقد في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، بقرارات لا ترقى إلى مستوى الأزمة، لا بل تعيد التأكيد على رفض قطع الطرق ودعوة الأجهزة الأمنية والعسكرية إلى القيام بواجباتها كاملة، ما أدى إلى نقمة من المحتجين على رئيس الجمهورية، رافضين أن يُسمّى “بيّ الكل”، وساخرين من قوله “أتيت لأحدث التغيير ولن أتراجع”، ورأوا في القرارات “اعتداء على اللبنانيين”.
وتناول عون الوضع الأمني في البلاد فقال “إذا كان من حق المواطنين التعبير عن آرائهم بالتظاهر إلا أن إقفال الطرقات هو اعتداء على حق المواطنين بالتنقل والذهاب إلى أعمالهم لا سيما بعد أسابيع من الإقفال العام الذي فرضه حال التعبئة العامة لمواجهة وباء كورونا”. وانتقد “مستقبل ويب” التابع لتيار المستقبل اجتماع بعبدا برئاسة عون، حيث كتب” تمخّضت بعبدا فولدت حرباً على منصّات”.
ولفت أمس وبعد وقوع إشكال في منطقة العبادية بحمدون بين محتجين من منطقة الجبل وفانات من منطقة البقاع كانت تقلّ ركاباً خلال قطع الطريق، جرى تواصل بين الوزير السابق غازي العريضي بتكليف من رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، وكل من مسؤول لجنة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا، ومستشار رئيس مجلس النواب أحمد بعلبكي، للتأكيد على ضرورة عدم استغلال تحركات المواطنين لخلق أي فتنة، ومنعاً لأي استغلال لحقوق الناس وتحركاتهم في اتجاهات لا تخدم مطالبهم المحقّة.